الحمد لله رب العالمين .. خلق اللوح والقلم.. وخلق الخلق من عدم.. ودبر الأرزاق والآجال بالمقادير وحكم..
وجمل الليل بالنجوم في الظُلَمّ.... الحمد لله رب العالمين.. الذي علا فقهر.. ومَلَكَ فقدر..
وعفا فغفر.. وعلِمَ وستر.. وهزَمَ ونصر.. وخلق ونشر.
اللهم صلى على نبينا مُحمد.. صاحب الكتاب الأبقى.. والقلب الأتقى.. والثوب الأنقى..
خير من هلل ولبى.. وأفضل من طاف وسعى.. وأعظم من سبح ربهُ الأعلى.
اللهم صلى على نبينا مُحمد.. جاع فصبر.. وربط على بطنه الحجر..
ثم أعُطى فشكر.. وجاهد وانتصر ... وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني أخواتي مرحبا بكم
رمضان فرصة للدعاء
ها هي رياح الإيمان قد هبت ومواسم الخير قد أقبلت وازدانت الدنيا برمضان وأشرقت.
• رمضان فرص وحظوات صيام وصلوات وجهاد ودعوات وذكر وصدقات.
• رمضان فرصة لا تعوض وغنيمة لا تترك.
• رمضان فرصة للتوبة والإنابة فالله سبحانه وتعالى قد فتح أبوابه وأجزل ثوابه وأخبر أن كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به هكذا يقول الله جل جلاله في الحديث القدسي كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.
• رمضان فرصة لتجديد العلاقات وإعادة الصلات ومن المهم جداً في رمضان أن نجعل قلوبنا سليمة لا غل فيها ولا حقد ولا حسد على أحد فرمضان فرصة عظيمة لإصلاح القلوب المتشاحنة والأفئدة المتحاسدة والمتباغضة.
أيها الصائمون:
رمضان فرصة عظيمة للإكثار من الدعاء وقرع أبواب السماء فإن الله سبحانه وتعالى بعد ما ذكر آيات الصيام في كتابه العظيم ذكر بعدها مباشرة قوله سبحانه ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186] ليعلمنا ربنا جل جلاله أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الصيام وبين الدعاء والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصائم دعوة لا ترد.
فأكثروا من الدعاء فليس شيء أكرم على الله من الدعاء والله سبحانه وتعالى يحب الداعين الملحين ويغضب عندما يترك العبد سؤاله ودعائه
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله حيي كريم إذا رفع العبد إليه يديه يستحي أن يردهما صفراً حتى يضع فيهما خيراً )) فأكثروا عباد الله من الدعاء وعظموا الرجاء واجتهدوا في الثناء فإن خزائن الله ملأ ويديه سحاء الليل والنهار لا تغيظها نفقة لو سأله الخلق كلهم انسهم وجنهم وحيهم وميتهم ورطبهم ويابسهم وأعطى كل واحد منهم ما نقص ذلك من ملكه شيئاً يقول الله جل جلاله في الحديث القدسي ((يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي شيئاً)) ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
ترصدوا لدعائكم الأوقات الشريفة والساعات الفاضلة كآخر ساعة من يوم الجمعة والثلث الأخير من الليل تلك الساعة العظيمة المباركة ساعة السحر التي ينزل فيها الرب جل جلاله فيقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له فلا تضيعوا تلك الساعة عباد الله وإياكم النوم بعد السحور فإن من ينام في ذلك الوقت فإنه يضيع على نفسه خيراً كثيراً قوموا تلك الساعة المباركة وأكثروا فيها من السجود والدعاء والاستغفار قال تعالى ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18] وقال ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)).
وقال عليه الصلاة والسلام: ((وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم)).
إن الأمة اليوم في كرب شديد وضائقة عظيمة وشدة كبيرة تمر بأصعب مراحلها وأشق أيامها وأحلك ظروفها تكالبت عليها الأمم وتداعت عليها الدول وتآمر عليها الأعداء فأجمعوا كيدهم وأمرهم عليها فزرعوا لأبنائها الشهوات وصدروا لهم الفتن والشبهات فازدادت الكربة وعظمت الشدة فالخطر في ازدياد والمكر في اجتهاد وليس مع الأمة سلاح أحد ولا أفتك من الدعاء فلا ملجأ من الله إلا إليه فيجب علينا أن نكثر من الدعاء وأن نجتهد في الالتجاء فليس لنا من دون الله كاشفة.
الق نفسك بين يدي الله الق نفسك بين يديه وسلم الأمر إليه واعزم المسألة عليه فمار رد سائله ولا خاب طالبه فهو رب المستضعفين وجابر قلوب المنكسرين وهو السامع لكل شكوى والكاشف لكل بلوى والصاحب لكل نجوى ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86] بابه مفتوح لمن دعاه ومن أكثر من قرع الباب يوشك أن يفتح له قال تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].
الخطبة الثانية
اعلموا أن الدعاء أعظم أنواع العبادة فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة ثم قرأ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ ويقول سبحانه وتعالى عن خيرة الخلق وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].
ولكن اعلموا أيها الصائمون أن إجابة الدعاء معلقة بصدق الالتجاء وقوة التضرع وعدم استعجال الإجابة وصدق التوبة مع الحذر من الكسب الحرام وأكل الحرام والدعاء بالآثام وقطيعة الأرحام فلا تستعجل الإجابة إذا دعوت ولا تستبطئها إذا تأخرت ولا تقل دعوت ربي فلم يستجب لي يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل قالوا يا نبي الله وكيف يستعجل قال يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي رواه أحمد وصححه الألباني.
عباد الله:
اغتنموا هذا الشهر الفضيل ما دمتم في بدايته واعمروا لياليكم فيه بالطاعات قبل نهايته وإياكم والملل وإياكم والكسل وإياكم وتسويفات الشيطان فإن الله سبحانه وتعالى لا يمل حتى تملوا قال تعالى ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].
المصدر اسلام ويب